الأوجه المتعددة لقطر في ٦ أسئلة.. هل حانت ساعة المواجهة؟

هل قطر أداة، أم محرك عرائس؟ هل حليفة إيران أم السعودية؟ إسرائيل أم حزب الله؟ السلفيين أم الإخوان؟ أين المتناقض في علاقات قطر، وأين الثابت؟ الموجز المفيد

قطر بلد صغيرة جدا، لا تستطيع أن تتغافل هذه النقطة في علاقاتها. هذا يضعها أمام خيارين. خيار الانضواء في تحالفات واضحة مع القوة الأكبر المجاورة. أو خيار تعظيم الدور. ما أسماه عنوان لصحيفة الإيكونوميست في وصفها “قزم بلكمة عملاق”.

قطر اختارت الدور الثاني. وفي الحقيقة لقد نجحت في وضع نفسها لاعبا أساسيا وعظمت حجمها. قناة الجزيرة صارت لسنوات عاملا رئيسيا في توجيه الرأي العام العربي، قطر نفسها صارت اسما معروفا على كل لسان في العالم، لا سيما في مجال الإعلام، القنوات العربية اللندنية، إلى جانب قناة الجزيرة، مضافا إليها القسم العربي في هافنجتون بوست، كما الأسهم في شركات عالمية Cine5TV, Lagardere Media and Defence Group

وقطر ستستضيف كأس العالم. لاحظوا أن شركة طيرانها الوطنية نجحت في تغيير عقيدة راسخة لدى نادي برسلونة بعدم عرض إعلانات على قمصان اللاعبين. صارت تحمل الآن اسم قطر.

هذه السياسة تأتي أيضا بمخاطر، إذ إنها تستلزم اللعب على حبال دقيقة. وتستلزم تعدد الأوجه. وهذا بالذات ما أحب الإشارة إليه في هذا المقال، لكي نكتشف صعوبة إدارة العلاقات.. أي الوجوه قطر؟

١- مع أمريكا أم مع محاربيها العراقيين؟

من قاعدة السيلية في قطر أديرت عمليات عسكرية في العراق، لكن على بعد قليل منها، من قناة الجزيرة، أديرت عمليات تجييش وتأييد للمقاومة العراقية.

فإن غضب الأمريكان من الجزيرة قيل لهم ولكننا نوفر لكم أكبر قاعدة عسكرية.

وإن غضب القوميون العرب، والإسلاميون، من القاعدة، قيل لهم لكننا نفتح لكم أبواب الجزيرة صوتا لـ “المقاومة”.

أما إن سأل القذافي عن الموضوع قال له وزير الخارجية القطري وقتها، حمد بن جاسم، إن هذه مجرد اتفاقية تنفيذية سننهيها إن شئنا بعد ٩ سنوات. كما في الفيديو الشائع على يوتيوب.

في خضم ذلك كله، لا بأس من أن توزع قناة الجزيرة الاتهامات على حكام الدول العربية بالرضوخ لأمريكا.. إلخ إلخ.

٢- مع إسرائيل أم مع حزب الله؟

قطر لا تنكر العلاقات مع إسرائيل، وقد افتتحت أول مركز للتبادل التجاري ، وهي تبرر ذلك في التسجيل المسرب من لقاء حمد بن جاسم مع القذافي بأن إسرائيل تساعدهم في تخفيف الضغط “السعودي” عليهم، بالتدخل لدى الأمريكان.

في نفس الوقت كانت الجزيرة حتى “الربيع العربي” قناة صديقة لحزب الله. وقطر نفسها كانت “حليفة” لحزب الله وإيران، وتعهدت بتعمير بنت جبيل في الجنوب اللبناني بعد حرب تموز ٢٠٠٦.

٣- مع حزب الله أم مع جبهة النصرة؟

انقلبت قطر على حزب الله ودعمت جبهة النصرة، ذات العلاقات مع القاعدة. وبذلك فرطت الوثاق مع حلف “الممانعة”، الإيراني السوري الحزب إلهي. وانتقلت إلى صف السعودية. ولكن.

٤- مع السعودية أم مع إيران؟

رغم هذا التحالف المعلن في الملف السوري طوال السنوات الست السابقة، إلا أن التسريبات الأخيرة لأمير قطر تظهر أنه يرى تقوية إيران دعما للاستقرار. والمقصود به أغلب الظن تحقيقا للتوازن. بمعنى ضمان ألا تكون السعودية أقوى إقليميا.

خلال نفس السنوات الست كان الموقف القطري ملتبسا بين الإخوان المسلمين والسعودية. السعودية متحفظة دائما في علاقتها مع الإخوان المسلمين، وأكثر حرصا على علاقتها بالدولة المصرية. بينما قطر، على الجانب الآخر، تستضيف قادة الإخوان، ويسيطر مذيعو الإخوان على قنواتها الفضائية، وشيخ الإخوان يوسف القرضاوي يطلق فتاواه من القناة، ويتراجع عنها من القناة.

٥- الثابت الوحيد؟

علاقة واحدة ثبتت عليها قطر خلال السنوات السابقة هي تحالفها مع الإخوان، وعدائها للنظام المصري ما عدا في سنة وصول محمد مرسي إلى الحكم. ولكن

٦- إخوان أم وهابيون؟

تحاول قطر شد دعم الحركة السلفية الوهابية، افتتحت مسجد الإمام محمد بن عبد الوهاب في الدوحة، بدعاية إعلامية كبرى، وشارك في الافتتاح الأمير السابق، حمد بن خليفة، شخصيا. الأمير بنفسه قال في التسريب المنتشر على يوتيوب إن قطر وهابية، محتجا بأنه الحفيد الـ ١٦ عشر للشيخ محمد بن عبد الوهاب.

وقد أصدرت عائلة الشيخ محمد بن عبد الوهاب بيانا ينفي هذا النسب

دوامة الخسارة إن بدأت

القدرة على إدارة التناقضات، لو استطعت، قد تكون سبيلك إلى النجاح، لكنها قد تدخلك في دوامة مهلكة. لقد صارت قطر أداة مفيدة لمن تعرض عليه خدماتها، لكنها دائما أقل من حليف موثوق. الأداة نفسها تتعب من الاستهلاك، كما تعبت قناة الجزيرة وفقدت كثيرا من جمهورها، في مصر، وقبلها في المجتمع السني في لبنان أيام اغتيالات نواب ١٤ أذار، ثم في المجتمع الشيعي في لبنان وقت الصراع في سورية.

في الحالتين، الجزيرة وقطر، فإن أول ما فقد كان المصداقية والثقة. حتى أكثر الناس التماسا للأعذار لا يستطيع أن ينكر وجود المشكلة. ربما باستثناء الإخوان المسلمين، ففي قطر وفيهم من بعضهما الكثير.

اقرأ أيضا: رحلة السعودية من غرفة التحكم إلى غرفة القيادة .. الموضوع مش فلوس

درنة، السؤال البسيط الذي طرحته مصر على العالم، فوضعت به ليبيا وقطر تحت المجهر