ما لم تفهمه قطر في قرار المقاطعة..
قطر لم تفهم جوهر ما حدث، كما كثير منا نحن المتابعين البعيدين عن أروقة صنع السياسة. الآن. بعد أن تكشف لنا ما تسرب من اتفاق وراء اتفاق داخل الأسرة الخليجية، بتوقيع قطري، ثم نقض للعهد، بدأنا نفهم جوهر ما حدث وندركه. فهل فهمته قطر؟
جوهر ما حدث أن الأسرة الخليجية حاولت فعلا أن تحل الموضوع داخل إطار العائلة، كأي عائلة محافظة تحتوي فردا من أفرادها، فتحاول مهما فعل أن تحتفظ بالسر داخلها. لا تحكي عنه للجيران. ولا تذيعه للعالم. آملة أن يعود عما يفعل. وألا يتضاعف الضرر.
لكنه يصر على التمادي. فلا تجد العائلة بدا من رفع الغطاء عنه.
من منا لم يعرف حكاية كهذه في عائلته؟
ومن منا لم يعرف سلوكا كهذا في مجتمعه؟ في مصر نعرف سلوك التبرؤ العائلي في الصعيد أو ”التشميس“ في قبائل سيناء (رفع المظلة العائلية عن من يقترفون جرما يجلب شرورا على الجميع).
بدا واضحا أن هذا ما حدث مع قطر، حيث أبقت العائلة الخليجية على أعرافها العشائرية والعائلية وحاولت كثيرا.
رفع الإجارة العائلية حدث جلل. يكاد يكون في العرف العشائري أصعب قرار يمكن أن يتخذ في حق فرد. لأنه يمثل الفارق بين الحياة محميا، وبين المصير المجهول.
وإن عدنا إلى السياسة، انطلاقا من هنا، يجب أن تدرك قطر من تسلسل الأحداث أن العائلة الخليجية، رغم ذلك، أعطتها فرصة شهر قبل أن يتم تسريب الاتفاقات السابقة. أي قبل أن تقول للعالم إن قطر غير معذورة بالجهل، فهي تعرف منذ أربع سنوات بالاتهامات الخليجية المباشرة، وتقر بها.
ويجب أن تدرك من تسلسل الأحداث أن هذا يعني أن القرار التالي هو مزيد من كشف الملفات، وهذه كرة ثلج لن يستطيع أحد إيقافها. وسائل الإعلام القطرية صارت تُكذَّب بشكل دوري، كل أسبوع تقريبا. ليس من جيرانها العرب فقط، بل من منظمات دولية كمكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، ثم من مكتب المدعية العامة في المحكمة الدولية. قطر تفقد مزيدا من “السمعة” كل ساعة.
في المرات السابقة التي انكشف فيها الغطاء عن دولة، لم تعد الساعة إلى الوراء أبدا. حدث هذا مع صدام حسين بعد غزو الكويت. وحدث هذا مع سورية بعد اغتيال رئيس الوزراء رفيق الحريري. إن ظنت قطر أن الإخوان المسلمين يوفرون لها منعة تجعلها أعظم شأنا في الإقليم والعالم من العراق ومن سورية فهي واهمة.
على قطر أن توقف هذا التسلسل. وإلا زادت الملفات علوا. والجرم عظما. والحكم قسوة.
أهلا وسهلا برأيك