تشريح عقل الإخوان: ٥- حكومة دولة الشتات من لندن
في عام ٢٠٠٦، ذهبت إلى الدانمارك في مهمة صحفية، لتغطية ما عرف وقتها باسم أزمة الرسوم المسيئة. على قدر ما بدا الموضوع عفويا، ومدفوعا بمشاعر دينية، على قدر ما فتح لي الباب إلى شبكة من التفكير التنظيمي تتكرر بصور مختلفة من كوبنهاجن إلى لندن.
الرسوم الكارتونية ظهرت في مجلة دانماركية في سبتمبر من عام ٢٠٠٥، لكن الأزمة نفسها لم تحدث إلا بعد ستة أشهر. هذه نوعية من قضايا ”درج المكتب” تخصص فيها الإسلام السياسي، وبالذات جماعة الإخوان المسلمين. قضايا تُحفظ في الأدراج ثم تخرج في التوقيت الذي يحددونه. الرسومات ظهرت في مجلة دنماركية مغمورة لا يدري بها أحد في شهر سبتمبر من عام ٢٠٠٥، ولم تلفت الانتباه. لكن الموضوع أثير بقوة في أوساط المجتمعات المسلمة في الشرق الأوسط بعد ذلك بستة أشهر. وتولى قيادتها الشيخ يوسف القرضاوي عبر قناة الجزيرة.
١
الأسبوع الذي قضيته في كوبنهاجن كان متزامنا مع زيارة قام بها ثلاثة من الدعاة الإسلاميين: المصري عمرو خالد، والكويتي طارق السويدان، واليمني الحبيب على الجفري.
أما الحضور في المؤتمر فكان خليطا من شباب وفتيات مسلمين يعيشون في الدانمارك، وشباب دانماركيين، وصحفيين جاؤوا ليفهموا ما سبب هذه الأزمة من أساسه.
قبلها بأشهر حدثت مظاهرة في كوبنهاجن بسبب عمل فني كان يصور جسد المسيح محنطا في حوض زجاجي مليء بالبول. المسيحيون المتدينون عبروا عن احتجاجهم بهذه المظاهرة وأوصلوا صوتهم. وانتهت الأزمة. لذلك لم يفهم الدنماركيون لماذا يعتبر مسلمون أن هناك تعمدا لاستهدافهم بسبب رسم تناول نبيهم.
كانت هذه التساؤلات التي لمستها في حواراتي مع عدة أطياف، منها الصحفيون والشباب الذين حضروا المؤتمر، ومنها مسؤول الشرق الأوسط عن شركة عالمية تعرضت منتجاتها “البقالية” لخسائر فادحة. الحصيلة أن من تحاورت معهم يتفهمون غضب مسلمين من الرسوم، لكن لا يفهمون سبب ربط هذا بالإجراءات السياسية. لا يتفهمون لماذا يتوقع مسلمون خارج الدنمارك، من رئيس وزراء الدانمارك، أن يتعامل مع هذه القضية بطريقة تختلف عن الطريقة التي تعامل بها مع المسيحيين المتدينين من مواطنيه. كيف يبرر هذا لناخبيه؟
هذا بالضبط صيغة السؤال الذي طرحته على الشخص الذي برز اسمه في هذه الأزمة، الشيخ “أبو لبن”. وذكرته بأنه ليس عضوا منتخبا في أي مؤسسة دنماركية. فكيف يتحدث باسم المسلمين.
فقال لي نصا.
”فليهتم كل بدائرته. ولنفهمه نحن قوة دائرتنا.“
أبو لبن لم يكن مدعوا لحضور المؤتمر. وقد أثار المؤتمر حفيظته. كما أثار حفيظة الشيخ يوسف القرضاوي الذي انتقده انتقادا صريحا علنيا، في لقاء على قناة الجزيرة، قائلا إن هؤلاء الشيوخ لم ينالوا تفويضا بالتحدث باسم المسلمين.
ولكن أي مسلمين؟ مسلمي الدنمارك، أم المسلمين في العالم؟ وكيف نحدد من ”يمثل المسلمين“؟
هذا هو السؤال الذي حملته معي إلى نهاية الرحلة، وسأحمله معي إلى لندن، وحتى نهاية المقال.
لقد سمعت نفس الاعتراض على حضور الشيوخ من دنماركي مغربي مسلم، اسمه حميد الموستي، وحميد عضو في مجلس بلدي انتخب مرة بعد أخرى لمدة عشرين سنة. وتلقى دعوة من الخارجية الدنماركية لحضور المؤتمر لكنه رفضها. كان وجه اعتراضه أن المسلمين خارج الدنمارك لا يمثلون المجتمع المسلم في الدنمارك. إنما يمثله المنتخبون. قال لي بالنص: ”نحن لا نريد الحوار مع مسلمين في بلاد أخرى. نريد الحوار مع إخواننا الدنماركيين في هذه البلاد“.

جزء من موضوع نشرته وقت تغطية المؤتمر مذكور فيه شخصيات استدعيتها هنا
إحدى الحاضرات في المؤتمر ضمن الشباب المسلمين في الدنمارك أوجزت لي القضية في عبارة واحدة: ”هؤلاء الدعاءة سيغادرون عائدين إلى بلادهم، ويبقى الغضب هنا موجها نحونا نحن.“
أنا أيضا أعيش في بريطانيا منذ ١٨ سنة، وابنتي مولودة في بريطانيا، ولذلك أفهم تماما ما تعنيه. نحن لا نريد أن نعامل المجتمع الذي نعيش فيه ويعاملنا على أننا أصوات لآخرين. نحن لسنا طابورا خامسا لأحد. هذا سيضرنا كثيرا حين تكون قضيتنا المساواة داخل المجتمع. لا نريد أن نظهر في صورة ”المستقوي“ بامتدادات خارجية، الذي يريد أن يتعامل وكأن على رأسه ريشة… وإلا.
٢
أظهرت أحداث الدنمارك قوة التنسيق العالمي لجماعة الإخوان، وقدرتها على توجيه قيادة دبلوماسية الدول، وإجبارها على السير في صفها، وهي تعلم جيدا حدود الموضوع في الجدل السياسي الدنماركي. وتعلم أن أي سياسي أوروبي لو قدم سابقة تمييز لمجتمع معين فمعناها أن عليه أن يستثني الأديان كلها والأقليات والأكثريات الدينية كلها من النقد.
ربما يظن من تربى في مجتمع عربي، أو مجتمع محكوم بأي دين، أن هذا هو الطبيعي والمعتاد، لكنه ليس كذلك في الدول الأوروبية، وإلا لتخلت تماما عن أسسها العالمانية. فكأن الإخوان المسلمين باختيارهم لهذه القضية كانوا يخيرون الدول الأوروبية بين التمسك بقيمها وبين الرضوخ لقيم المسلمين.
وهم بلا شك يعرفون الإجابة مسبقا. إنما كانوا يريدون هدفا آخر تماما. وقد حققوا المطلوب بالضبط. في ”كش ملك“.
لو رضخ الدنماركيون لمطالب قادة الإخوان المسلمين لكان اعترافا لهم بقوة تأثيرهم. ولو رفضوها لاستغل الإخوان مشاعر الناس الدينية ليظهروا لهم، ويعرف العالم، من الذي يتحكم في الرأي العام في البلاد المسلمة، ومن الذي يملك أن يؤذي المصالح الاقتصادية، كما ملك قبل ذلك أن يؤذي المصالح العسكرية. وهذا بالضبط ما حدث.
لقد نجحوا في هذا، وبالتالي نجحوا في ترسيخ أنفسهم قادة للمجتمع المسلم في أوروبا. وهذا يحتاج إلى بعض التفصيل.
٣
في بريطانيا على سبيل المثال يعيش ٣ ملايين بريطاني مسلم. نصف هؤلاء مؤلود خارج بريطانيا، ونصفهم مولود على أرضها. وكأي أقلية في العالم، ورغم كل قوانين المساواة الصارمة في بريطانيا، فأبناء المهاجرين يحتاجون ثلاثة أجيال فأكثر، حسب قابليتهم، للاندماج في المجتمع اندماجا كاملا.
لكن الإحصاءات تقول إنه عَلى عكس الأقلية ذات الأصول الهندية، والمقارنة هنا مهمة لأن معظم المسلمين أيضا من الهند وباكستان، ووفدوا في نفس الحقبة الزمنية، فإن الأقلية المسلمة لم تندمج مع المجتمع البريطاني، ولم تحقق نجاحات كبيرة.
الهنود حققوا تلك النجاحات في قطاع المشاريع التجارية، ومنهم رجال أعمال كبار، ومجال المشاريع المتوسطة والصغيرة، حيث يمثلون نسبة كبيرة من قطاع البقالة، وكذلك في المهن المتخصصة، حيث يحققون أعلى نسبة، بالمقارنة بعددهم، في قطاعي الطب والمحاماة. بكل المقاييس فإن الأقلية الهندية، وهم أبناء مهاجرين أيضا، أقلية ناجحة جدا.
وحتى وقت قريب، بالنسبة للمولودين في السبعينيات، كان أبناء العرب، على قلتهم، يصنفون من ضمن الأكثر تفوقا وإنجازا.
ما الذي حدث بعد موجات هجرة الإسلامجية إلى لندن. ركزت دعاية الإسلامجية كعادتها على نشر شعور المظلومية والتجييش، على شعور الجيتو والانعزال. وخطوة خطوة، بدأ هذا يتحول إلى اعتراض عنيف، ثم عمليات إرهابية. والأنكى من ذلك إلى ”تدويل“ للنقمة. بحيث قدموا المسلم في صورة من على استعداد لتخريب وطنه، بسبب مشكلة على بعد مئات الأميال. لقد نشر الإسلامجية الوافدون نفس ”مشاعر الشتات“ التي يحملونها هم.
في مجتمع أقلوي أوروبي لا بد أن نسأل أنفسنا ما الغرض، ما الأفق، لهكذا سلوك.
في الإجابة على هذا السؤال أهمية كبرى لفهم عقلية الإخوان المسلمين.
٤
في دولة مثل بريطانيا، بأقلية مسلمة لا تتعدى ٤٪ من السكان، ليس هناك سبيل إلى تحولها إلى دولة إسلامية. أليس كذلك؟
على العكس. أفعال كتلك لا تحمل من أفق سوى انقلاب مشاعر المحيط على الجزيرة البشرية المسلمة الصغيرة. ومهما تكن القوانين الرسمية تحمي المسلمين، فإن انقلاب المشاعر الشعبية قد يؤدي إلى محنة لا يعلم أحد إلى أي حد تصل. لا تنسوا أن المجتمعات الأوروبية شهدت مذابح بين أبناء المجتمع الواحد، في فترات الانفصال البروتستانتي الكاثوليكي.
ألا يعلم الإخوان المسلمون ذلك؟
بلى. بالتأكيد يعلمون. لكنهم يضحون بالمجتمع المسلم في أوروبا، وبمصلحته وبأمن وسلامة أبنائه، لتحقيق غرض مختلف تماما.
ترسيخ موقع ”قيادتهم“ للمجتمع المسلم في نظر الأوروبيين والعالم.
أنهم هم القادرون على الإشعال والتهدئة. لوحة التحكم تحت راحتيهم، والأزرار على أطراف أصابعهم. ولا بد أن يرضوا لكي تستقر المصالح الغربية الاقتصادية والسياسية والعسكرية.
الإخوان المسلمون هم الطرف الوحيد الكاسب. كاسب لدى الغرب، كما أسلفت. وكاسب لدى الشعوب المسلمة، لأنهم يظهرون في صورة المدافع عن الإسلام الرافع لرايته. إذ الناس لا تطلع على تفاصيل البزنس بدقة.
الإشعال والتهدئة لم يعد للمصالح على الأطراف فقط. لقد صار جند الإسلامجية أكثر انتشارا. يستطيعون أن يضربوا داخل البلاد الغربية نفسها. داخل أمريكا وداخل بريطانيا وفرنسا وألمانيا.
ثم انظر مليا إلى الرسالة التي يخرج بها منظروهم على الإعلام. حين يقولون إن ”الديكتاتورية“ في بلاد المسلمين هي السبب. وكأن الإسلاميين هم حمائم الليبرالية والحرية والانطلاق. إنها في الحقيقة رسالة مقايضة. والثمن شيء واحد.
أن نحكم نحن – الإخوان المسلمين – بلاد المسلمين. وإلا بقينا شوكة في حلوقكم. كما كانت القضية اليهودية يوما.
٥
يفعل الإخوان المسلمون هذا من خلال شبكة واسعة من المنظمات غير الحكومية، تسيطر تنظيميا على “النشاط” داخل المجتمع المسلم في أوروبا، وتتمدد لكي تسيطر على معظم المنظمات غير الحكومية داخل الدول المسلمة. ومن خلال شبكة إعلامية أخطبوطية امتلكت الفضاء الإعلامي امتلاكا تاما. سأترك الإعلام لمقال منفصل. لكن سأبقى مع شبكة الجمعيات الخيرية. بمثال واحد في لندن، هو إيجاز لتحقيق أجراه قبل سنتين الصحفي البريطاني أندرو جيليجان. لمن لا يعرفه، هذا نفس الصحفي الذي فجر فضيحة “تضخيم” الملف النووي العراقي على يد إدارة توني بلير.
هذه الصورة توجز ما يهمنا من التحقيق، وتقدم لنا مثلا عن هذه الشبكة، من خلال المنظمات الموجودة في بنايتين ضخمتين في غرب لندن. هما كراون هاوس، وويستجيت هاوس.
الغرض الوحيد من التعرض لهذا التحقيق، الذي تم في سياق الملف الذي كان مقدما للحكومة البريطانية عن جماعة الإخوان المسلمين، هو تقديم صورة مصغرة بسيطة ولكنها دالة عن طبيعة عملهم، عن طبيعة البزنس. عن الوفرة المادية، ولكن أيضا عن الهشاشة من حيث الموارد البشرية. الهشاشة التي ميزتها الكبرى شيئان، انعدام المنافس، وامتلاك المشاة (الصبية) في بقاع مختلفة من العالم.
يلفت نظري دائما في شبكات الإخوان المسلمين التسميات. هنا مثلا جمعيتان توحيان بأنهما تمثلان مسلمي بريطانيا، وليسا كذلك، ومركز حقوقي يوحي بأنه إماراتي، رغم أن مؤسسه عراقي، الأستاذ أنس التكريتي، ومالكته الرسمية زوجته، ومديره زوج أخته. أما الجمعية الرابعة، قرطبة، فتقدم نفسها على أنها “راعية حوار الحضارات”. في حين أن الإخوان المسلمين أكبر مروج للتعصب حتى ضد جارك في الوطن، المختلف في الديانة.
الجمعيات الأربع كلها لا تعبر إلا عن الإخوان المسلمين. وكلنا نعرف دعايتهم الموجهة إلينا باللغة العربية. الجمعيات كلها تتمحور حول مجموعة محدودة من الأشخاص، وتتراوح بين “الفاميلي بزنس” وبين الشلة. ولا بد أن يكون اسم الملياردير “يوسف القرضاوي” موجودا في أحدها، كما هو موجود في اللجان الاستشارية للأقرع الإسلامية في تسعة مصارف عالمية كبرى. فمجرد اسمه يضمن “الشعبية”. أحد تلك البنوك كان بنك إتش إس بي سي البريطاني. والذي اضطر إلى دفع غرامة فاقت المليار جنيه بسبب “تسيبه” في مراجعة إجراءات مكافحة غسيل الأموال.
ونتيجة لهذا أغلق البنك حسابات منظمات وأشخاص، دون أن يوجه إليهم اتهاما معينا، كان منهم مؤسسة قرطبة المذكورة ومالكها، الأستاذ أنس التكريتي، الذي يظهر كما في المخطط أعلاه في القلب من أنشطة الإخوان المسلمين في بريطانيا. وأغلق البنك أيضا حسابات زوجته وولديه، حين كان عمرهما ١٢ و ١٦ سنة فقط.
الأستاذ أنس التكريتي، الذي يمسك بخيوط معظم هذه المنظمات، ليس عضوا منتخبا في أي هيئة في المجتمع البريطاني، حتى في الانتخابات الوحيدة التي ترشح فيها في دائرة يوركشير أند هامبرسايد، وهي دائرة تبلغ نسبة المسلمين فيها أكثر من ٦٪، أكثر بمرة ونصف من نسبتهم العامة في بريطانيا، لم يحصل هو وقائمته إلا على أقل من ٢٪ من الأصوات.
كل هذا يعيدنا إلى كلام الدنماركي حميد الموستي، ويذكرني بأيام الجامعة، أشخاص غير منتخبين يسارعون إلى موقع “الإمامة” الفارغ ويشغلونه. وينصبون أنفسهم قادة. وتنجح خطة الأمر الواقع. تنجح إلى أبعد حدود. في هذه الصورة يظهر الأستاذ التكريتي في ضيافة باراك حسين أوباما في البيت الأبيض، ممثلا عن “مسلمي العالم”. وفي الصورة الثانية مع إسماعيل هنية قائد حماس في غزة.
الأستاذ أنس التكريتي ممثل نموذجي، فعلا، ولكن لإخوان العالم، ومفتاح لفهم الجماعة في شكلها الدولي. في صفحة التعريف الشخصي به على ويكيبيديا، الصفحة الإنجليزية، والمكتوبة بلغة مادحة، هناك ادعاء بأنه “خبير تفاوض”. والمقصود خبير تفاوض مع الجماعات الإرهابية لإطلاق سراح مختطفين. وادعاء بأنه شارك في تحرير الرهائن في ١٥ مرة.
راجعت هذا الادعاء من مصادر أخرى فوجدت عنه بروفايل شخصي في جريدة الجارديان، يسوق فيه مثلا عن عملية تحرير رهائن شارك فيها الأستاذ التكريتي. ما يهمنا هنا ليس تقصي العدد الحقيقي لمفاوضات تحرير الرهائن التي شارك فيها. إنما ما يهمني هو الإشارة إلى جانب آخر من مهنة “الإخوانجي”، التي يقدم بها نفسه إلى العالم – خدمة تحرير الرهائن من ”الصبية“ في الجماعات الإرهابية. وظيفة معتمدة على المستوى الشخصي، وعلى المستوى الدولي، ممثلا في قطر. وما يصاحب ذلك من “تنجيم” في مؤسسات إعلامية دولية وعربية.
الحقيقة الأخيرة التي يجب أن نعرفها في هذا المقال المحدود، أن البنايتين اللتين أشرت إليهما أعلاه، كراون هاوس، وويستجيت هاوس، يملك الإخوان فيهما ٢٥ منظمة (أوردت منها أربعا فقط). هذا الرقم – أعتقد – يعطيك صورة عن حجم الشبكة الإخوانية، التي تزيد عن نشاط أي حكومة منفردة، بل لا أبالغ إن قلت إنها تزيد عن نشاطات حكومات الدول التي تستهدفها الإخوان مجتمعة.
ويبدو أن أحدا لا يدرك مدى أهمية ملايين المسلمين الذين يعيشون في أوروبا. مدى أهمية رأيهم العام، وصوتهم، في تشكيل الصورة الذهنية لدى الساسة وصانعي القرار في أوروبا وأمريكا، وفي تشكيل الصورة عن “خيارات مجتمعات المسلمين” في العالم.
لو أضفنا إلى هذا شبكة الإعلام، وهي موضوع مقالي التالي، سنفهم لماذا يشعر شخص يعيش في الغرب أنه صار محكوما بسلطة مفروضة علينا فرضا، تسرق أصواتنا في بلاد حرية التعبير، وتغلق علينا في بلاد الأبواب المفتوحة، وتسجننا في قلب البراح. وسندفع نحن وأمثالنا الثمن. لأنهم يقدمون عنا صورة “المسلم” كما يصوغونها هم. مستغلين أنهم تنظيم، ونحن أفراد، وأنهم يملكون أموالا فائضة، ونحن مواطنون يدورون حول فواتيرهم اليومية والشهرية، بل ومن يرفع صوته منا ولا سيما من الإعلاميين، تحاربه سلطة الإخوان الإعلامية وتضيق عليه وتطارده في مجال عمله.
فلا يملك معظمنا إلا الصمت. وإلا دفع الثمن من الآن، قبل أن يدفعه مرة أخرى غدا.
شكراً لك على هذا المقال وهذه السلسلة من المقالات في حقيقة الأمر ، أسلوب رصين في تناول موضوع في غاية الأهمية
شكرا لك على متابعة المقالات