مقالات هتعجبك

لماذا هجمات لندن؟ مفتاح الإجابة في حوار رجل قطر المفضل مع الأهرام العربي

من هجمات مانشستر إلى هجمات لندن.. لماذا زادت الوتيرة؟ قراءة حوار عبد المنعم أبو الفتوح، رجل قطر المفضل، مع الأهرام العربي تقدم مفتاحا للإجابة

في السابق كانت الأحداث الإرهابية تحدث في ظل ظروف سياسية واضحة. بحيث تقدم نفسها على أنها احتجاج عنيف على سياسة. أو معارضة عنيفة لحرب. لكن بريطانيا – حاليا – ليست ضالعة في حرب، ولا نعرف أنها تقود تيارا عالميا في سياسة معينة. فلماذا تحدث العمليات الإرهابية بهذه الوتيرة؟ مانشستر قبل أقل من أسبوعين، ثم لندن في عطلة نهاية الأسبوع. لماذا هذا القتل اليائس؟

هذا المقال يجيب السؤال

بعد ما يعرف بالربيع العربي قويت جماعات الإرهاب، ووجدت لها مواطئ آمنة للتجييش ونظم الصفوف. حدث هذا في سورية. حيث حصلت على دعم مباشر وغير مباشر لوجودها. أقصد بالدعم المباشر الإمداد اللوجستي عبر الحدود التركية. والدعم المعنوي المعلن من قناة الجزيرة. وأقصد بالدعم غير المباشر البراح الناتج عن خلق سياق سياسي لنموها. سواء بتبرير وجودها في الصراع السوري، أو وجودها في سيناء وتقديمها على أنها فصل ملحق بالصراع السياسي المصري. كما البراح الناتج عن التردد في مواجهتها بسبب غياب الرؤية الأمريكية عن أسلوب ناجع لحل الصراعات التي برزت في ظل سياسة أوباما. بحيث صارت أمريكا كما يقول المثل المصري مثل من “حضر العفريت ولم يعرف كيف يصرفه”.

كل هذا منح الجماعات الإرهابية قوة مادية على الأرض. لكنه منحها ما هو أكثر من ذلك. منحها الأمل في الحصول على مكسب سياسي يناسب تلك القوة. ومنحها الوعود، إن لم يكن بالسلطة المباشرة، فبسلطة أنظمة مقربة منها، كالإخوان المسلمين.

قمة الرياض غيرت كل الحسابات

بعد قمة الرياض صار واضحا أن السياسة الإقليمية والعالمية ستغير مسارها. ولن تجد جماعات الإرهاب حضنا سياسيا يسمح لها بـ “تحقيق” الأمل. وهنا بدأت تنظر في خياراتها.

١- تركيا:

رفعت يدها مبكرا من الملف، وتقلبت ببراجماتيتها المعهودة إلى خصم الأمس. فقوت العلاقات مع روسية. وبدأت ملف تقوية العلاقات بتحقيق شرط روسيا الأول بالتنازل عن حلب.

٢- قطر:

رغم ما يبدو من خروج قطر على الإجماع الإقليمي والدولي المعلن في قمة الرياض، فإن هذه الجماعات تعلم حدود القدرة القطرية على الأرض. وأن قطر لا تعدو أن تكون جهازا إعلاميا يسعى إلى تحريك الرأي العام. وحتى هذا تضاءل لكي يقتصر على الرأي العام لجمهور الإخوان المسلمين والجماعات المتشددة. لم تعد الجزيرة حتى قادرة على التأثير في الرأي العام المصري ولا الخليجي كما كانت.

قطر، تعلم هذه الجماعات، صارت تبحث لنفسها عن حليف تلتحق به، عن بطل تمارس معه دور السنيد كما اعتادت سابقا، لكنها لن تقدر أبدا على دور البطولة. وتعلم هذه الجماعات أيضا أن الضغط الخليجي على قطر أقوى من أن تتحمله. وأن منتهى الفعل القطري هو ما تفعله حاليا بإعادة الوئام بينها وبين إيران.

أولى بوادر هذا العجز القطري ظهرت في الحملة المصرية على ليبيا. مقارنة بسيطة بين حجم الدعم السياسي الذي تلقته مصر في حملتها الأخيرة على ليبيا، وحجم الدعم الذي تلقته في محاولتها لتنفيذ غارات في ٢٠١٥، لا يدع من مجال للشك. في حين لم تستطع قطر أن تقدم لحلفائها في ليبيا سوى بعض تقارير تليفزيونية تتحدث عن رفض أهالي درنة للقصف. وبعض التحريض والدعاية ضد الحملة من وكلائها الإعلاميين من مذيعين فقدوا جزءا كبيرا من تأثيرهم.

خلصت جماعات الإرهاب إذن إلى حقيقة الوضع: بعد أن فقدت الأمل في سورية، وفقدت السلطة في مصر، بصدد أن تفقد الوجود المستريح في ليبيا.

٣- إيران

جماعة مثل حماس تستطيع أن تعيد استخراج كارنيه العضوية في حلف الممانعة القديم. فهي على الرغم من انقلابها على حزب الله، وسورية، فقد اكتفت دائما بالانقلاب النظري، ولم تشارك في القتال في سورية. ومن ثم سارعت مع تغير التوجه الإقليمي والدولي إلى العودة إلى  إيران.

لكن الحضن الإيراني لن يتسع لأكثر من هذا إن استطاع. حالة الحوثيين المزرية في اليمن، والوضع الشائك في سورية، يجعل قدرة إيران مغلولة. كما أن أغراض هذه الجماعات المتشددة تناقض أهداف إيران، وليس فقط تختلف معها. سواء في العراق أو في سورية.

كل ما ذكرته أعلاه يعني أنه لا مناص لهذه الجماعات من المناورة السياسية، عن طريق آلة المناورة السياسية الوحيدة التي تجيدها. الإرهاب. ومزيد من الإرهاب. سواء بدافع اليأس، أو بدافع خلق الفرصة.

تحتاج هذه الجماعات في كل الأحوال إلى كسب الوقت. هذا غرض أساسي.

لكن الغرض الأهم خلق السياق الذي يسمح لها بالمناورة. خلق السياق على نفس الطريقة القديمة. لكي تخرج آلة الإعلام القطرية لتقول للعالم إن كل هذا يحدث بسبب الصراع السياسي وأنه لا بد من إعادة الإسلاميين إلى الصورة. وأقصر طريق إلى هذا هو إيلام الدول الغربية لكي تضغط.

سنلاحظ أن دكتور عبد المنعم أبو الفتوح، وهو السياسي المصري الأقرب إلى قطر، أجرى حوارا مع الأهرام العربي، عبر فيه عن استعداده للعمل في ظل النظام الحالي، وعن معارضته – لا رفضه – للسيسي، ثم عن استعداده لخوض الانتخابات الرئاسية بشروط. وعن الدعوة إلى المصالحة مع الحزب الوطني، ومع من؟

مع الإخوان.

لقد تلاشى أمل الإسلام السياسي في السلطة حاليا. لكن أمله في العودة إلى ما قبل ٢٥ يناير ٢٠١١ لا يزال قائما. وهو يحتاج إلى أوراق مناورة.

About khaledalberry (93 Articles)
إعلامي عمل في بي بي سي ١٢ سنة، راديو وتليفزيون وديجيتال ميديا bbcarabic.com . راسل صحفيا من ١٣ دولة. كان مديرا مناوبا لمكتب بي بي سي عربي في العراق بعد حرب العراق. . راسل بي بي سي من حيفا وجنوب لبنان في حرب تموز /يوليو ٢٠٠٦ .شارك في تأسيس دوت مصر ورأس تحريرها . أصدر أربعة كتب هي الدنيا أجمل من الجنة، ونيجاتيف ورقصة شرقية (القائمة القصيرة للبوكر العربية) والعهد الجديد. له كتابان قيد النشر هما "الأمية المقدسة" و "انفصام شخصية مصر". . حاصل على بكالوريوس الطب والجراحة من كلية الطب جامعة القاهرة

أهلا وسهلا برأيك

%d bloggers like this: