تحقيقات مانشستر تكشف علاقة المخابرات البريطانية والإخوان بالجماعة المسلحة المشتبه بها
زهير نصرات طالب عمره ١٩ سنة، يدرس القانون والجريمة في جامعة تشيستر. السلطات البريطانية ألقت القبض عليه من بيت عائلته، وفتشت سكنه الجامعي. إلى هنا والقصة عادية. مجرد مشتبه فيه ضمن غيره. الشرطة البريطانية تراقب عن كثب ٣٠٠٠ شخص تعتقد أنهم يمثلون خطورة مباشرة على الأمن، وتراقب بشكل أخف ٢٣ ألف شخص، ملفتين للنظر، ولكن دون أن يشكلوا تهديدا مباشرا للأمن. هذا تقييمها.
سلمان عبيدي، منفذ هجوم مانشستر، كان واحدا من هؤلاء الـ ٢٣ ألف.
صحيفة دايلي ميل البريطانية تحدثت إلى جيران المشتبه به، والذين أعطوا صورة عن العائلة وأفرادها. يهمنا منها معلومتان. الأولى أن أباه دبلوماسي ليبي سابق. وهذا سنعود إليه. والثانية أن أخويه وأباه سافروا لكي يشاركوا في “الثورة” ضد القذافي عام ٢٠١١. وأن أحدهما عاد إلى بريطانيا ليعالج من إصابته في الحرب (!!) على حساب التأمين الصحي البريطاني. ثم غادر إلى تركيا، أو هكذا قال لأصدقاء الحي، قبل ثلاث سنوات ليتدرب على الطيران لكنه لم يعد منذ ذلك الحين.
هذه صورة مشابهة للصورة المرسومة عن عائلة سلمان عبيدي منفذ الهجوم، والذي ألقي القبض على أخيه هشام في ليبيا، بينما احتجز والده رمضان لبعض الوقت. سلمان عبيدي نفسه شوهد مترددا على بيت عائلة زهير نصرات أكثر من مرة، آخرها في أكتوبر الماضي.
من هو هذا الوالد الذي عمل دبلوماسيا في الحكومة الليبية التي شكلها المتشددون، ودعمتها قطر، عقب سقوط نظام القذافي؟
الوالد هو خالد نصرات. وحسب وثيقة نشرتها سكاي نيوز العربية، فقد عمل ملحقا دبلوماسيا في تركيا.
كل هذا يفتح الجدل حول اسم الجماعة الليبية الإسلامية المقاتلة التي ارتبط بها اسم والد منفذ هجوم مانشستر. والتي يرمز لها بالإنجليزية ب LIFG
وهذا مفتاح ثالث، بل هو الأهم في سياق مقالنا.
ما هي الجماعة الليبية الإسلامية المقاتلة؟
الجماعة الإسلامية المقاتلة جماعة مسلحة نشأت في التسعينيات بصورة سرية، ونفذت عدة عمليات مسلحة، أبرزها العمليات التالية:
١- ١٩٩٥: هجمات مسلحة ضد الشرطة في بنغازي
٢- فبراير ١٩٩٦: محاولة فاشلة لاغتيال معمر القذافي باستخدام قنبلة مزروعة تحت سيارته، القنبلة زرعت تحت السيارة الخطأ.
٣- نوفمبر ١٩٩٦: محاولة فاشلة لاغتيال معمر القذافي
٤- نوفمبر ١٩٩٨: محاولة فاشلة لاغتيال معمر القذافي.
٥- مايو ٢٠٠٣: اتهامات بمساعدة الجماعة الإسلامية المغربية المقاتلة في تنفيذ هجمات انتحارية في الدار البيضاء، أسفرت عن مقتل ٤٣ شخصا.
الدعم البريطاني المباشر
حسب بحث أكاديمي أعدته جامعة ستانفورد، قبل حدوث الهجوم الإرهابي في مانشستر، فإن المصادر الرئيسية للدعم والتمويل الخارجي حصلت عليها الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة جاءت من بريطانيا. وذلك في أكثر من صورة.
١- دعم مادي مباشر، قيمته ١٦٠ ألف دولار (١٠٠ ألف جنيه إسترليني وقتها)، لتنفيذ عملية اغتيال معمر القذافي في فبراير ١٩٩٦. وذلك نقلا عن ديفيد شايلر، الضابط السابق في جهاز الاستخبارات الداخلية البريطانية، والذي حوكم بتسريب معلومات سرية إلى صحيفة. شايلر قال إن ذلك تم دون علم وزير الخارجية البريطانية وقتها “مالكولم ريفكند”.
٢- كنتيجة لعملية أمنية قام بها نظام القذافي عقب محاولتي الاغتيال الأولى، وبعد اكتشف مركزي تدريب في السودان، قتل أحد قادة الجماعة بينما فر الباقون إلى ثلاث جهات، كانت بريطانيا واحدة منها.
٣- تغاضت بريطانيا عن شبكة من الدعم اللوجستي التي نجحت الجماعة الليبية الإسلامية المقاتلة في تكوينها في بداية الألفية. نشاط الجماعة الليبية الإسلامية المقاتلة حظر بعد ذلك في بريطانيا في مايو من عام ٢٠٠٦، وألقي القبض على تسعة أشخاص بتهمة تقديم الدعم اللوجستي للجماعة.
الجماعة حصلت أيضا على دعم مادي قدره ٥٠ ألف دولار من أسامة بن لادن كتعويض عن كل مقاتل أرسلته لدعمه وقتل وهو يحارب في صفوفه.
من جماعة إرهابية إلى السلطة، من قائمة إلى الإرهاب إلى الغرف الدبلوماسية
١- في نهاية التسعينيات كانت الجماعة على صلة بالقاعدة، صلة عسكرية مباشرة. لكنها في نفس الوقت كانت ممولة من بريطانيا كما أسلفنا. ولم تكن مدرجة على قائمة الجماعات االإرهابية.
٢- أدرجت الجماعة على قائمة الأمم المتحدة للإرهاب في ٦ أكتوبر ٢٠٠١.
٣- أدرجت الجماعة على قائمة وزارة الخارجية الأمريكية للجماعات الإرهابية في ١٧ ديسمبر ٢٠٠٤، بعد أسبوع من إدراجها على قائمة الجماعات الإرهابية التي تلاحق وزارة الخزانة الأمريكية أرصدتها المالية.
٤- ألقي القبض عام ٢٠٠٤ على القياديين، عبد الحكيم بلحاج (عبد الله الصادق)، في ماليزيا، وسامي السعدي، في هونج كونج، وسلما إلى ليبيا.
٥- في مايو من عام ٢٠٠٦ (كما أسلفنا) حظرت بريطانيا نشاطها على أراضيها.
٦- في عام ٢٠٠٧، بعد تضييق الخناق على الجماعة من ملاذاتها في الدول الغربية ولا سيما بريطانيا، وبوساطة من جماعة الإخوان المسلمين، عن طريق الدكتور علي الصلابي، أجريت محادثات بين سيف الإسلام القذافي وبين قادة الجماعة في السجون. أبرزهما القياديان المشار إليهما.
٧- أصدرت الجماعة كتابا في المراجعات الفقهية، أسمته “دراسات تصحيحية في مفاهيم الجهاد والحسبة والحكم على الناس”. بمباركة من الشيخ القرضاوي، وعنوانا على نجاح وساطة الإخوان المسلمين عن طريق الدكتور علي الصلابي. وذلك عام ٢٠٠٩.
٨- في عام ٢٠١٠ أفرجت ليبيا، نتيجة تلك المراجعات، عن قادة الجماعة في السجون، بالإضافة إلى أكثر من مئتين من أفرادها على دفعات. وأعلن سيف الإسلام القذافي عن نجاح المراجعات في مؤتمر صحفي موجود على يوتيوب.
٩- تحولت الحركة إلى العمل السياسي، وسمت نفسها الحركة الإسلامية للتغيير. وذلك في بيان صدر في ١٥ فبراير من عام ٢٠١١، قبل يومين فقط من اندلاع “الثورة” الليبية ضد العقيد معمر القذافي.
١٠- تولى عبد الحكيم بلحاج، زعيم الحركة، رئاسة ما عرف بالمجلس العسكري لطرابلس، حتى إسقاط نظام القذافي.
في هذا اللينك استضافة أحمد منصور له على قناة الجزيرة
١١- رفعت وزارة الخزانة الأمريكية، في إدارة أوباما، اسم الجماعة من قائمة الجماعات المحظورة في ٢٠١٥.
١٢- رفعت وزارة الخارجية الأمريكية اسم الجماعة من قائمة الجماعات الإرهابية في ٩ ديسمبر ٢٠١٥.
١٣- لا يزال اسم الجماعة مدرجا على قائمة الأمم المتحدة للجماعات الإرهابية.
أهلا وسهلا برأيك