مقالات هتعجبك

قناة الجزيرة تسيء إلى الإنسانية نفسها – الإرهابيون الجدد ذوو الملابس السينييه

هل فكرت كم شاب جامعي ينظر إلى فيصل القاسم أو شابة إلى خديجة بن قنة كمثل أعلى؟ فماذا لو بدأ هؤلاء يدعون شبابا إلى القتل والعنصرية ويدافعون عن الإرهاب، ويروجون له لأتباع بالملايين.

البراح في لندن أوسع دائما من أي خنقة يفرضها عليك هذا الشخص أو ذاك. إن انسد فيها ألف باب لن تعدم آلافا غيرها مفتوحة، معرفة واطلاعا وتعلما. لا أعتقد أن هناك بلدا في العالم مضيافا أكثر من لندن. لعل هذا بالذات ما جعلها دائما الاختيار الأول لكل لاجئ وهارب. فاراً من ظلم، أو هاربا بجرم. هذا النوع الثاني جعل بريطانيا وكرا، بالمعنى الكامل للكلمة، للإرهابيين الإسلاميين. بدءا من إسلاميي الجزائر في التسعينيات وصولا إلى الإخوان المسلمين حاليا.

حين عدت إلى لندن العام الماضي، بعد خمس سنوات قضيتها في مصر، كان البراح هو ما أشتاق إليه. شقتي في لندن أضيق من شقتي في مصر. ومستوى حياتي في لندن أكثر تقتيرا من مستوى حياتي في مصر. ولا شك أن دائرتي الاجتماعية أضيق. لكن البراح دائما أكبر.

كنت أريد أن أنعزل عن مسرح العرائس الذي يحكم فيه الإسلاميون المجتمع حكما سلطويا خانقا، ويحكمون فيه الأجواء السياسية بميليشيات ولجان إلكترونية سياسية، ويحكمون فيه الإعلام بحرب عصابات إعلامية، ثم بعد هذا كله يقدمون أنفسهم للعالم على أنهم القوة السياسية المعتدلة، الرافعة لراية الحريات.

مشاة الإخوان المسلمين .. جنود إعلام قطر

لكن هيهات. لقد احتل مشاة الإخوان المسلمين الإعلام البريطاني الناطق بالعربية. في حين امتلكوا قنوات خالصة مخلصة. وبذلك سيطروا أيضا على الآراء التي تخرج في الإعلام العالمي أيضا، أو ما نسميه في الوسط الإعلامي “قائمة الضيوف”، وحولوا المختلفين معهم إلى ضيوف متهمين، وظيفتهم إن ظهروا في الإعلام أن يدافعوا عن أنفسهم ضد اتهامات.

وسيطرت قيمهم على المسموح والممنوع. وعلى المقبول والمنبوذ من الآراء السياسية. فصار حتى من ليس منظما معهم دائرا في فلكهم، ومرددا لموجة من أصداء صوتهم. نفس السياسة التي اتبعها حزب الله في لبنان، وبنجاح ساحق، فحول إعلاميي المجتمع الشيعي على اختلاف توجهاتهم، عالمانيين أو إسلاميين، إلى خادمين لمصلحته ولمصلحة إيران. ومؤخرا تولى اللبناني عباس ناصر مسؤولية قناة العربي القطرية الإخوانية اللندنية، مما يعني العودة إلى زواج المتعة بين حزب الله والإخوان المسلمين/التنظيم العالمي. بعد قطيعة بسيطة تسبب فيها الجناح السلفي من الإخوان (فرع خيرت الشاطر).

لقد تمدد مسرح العرائس الإخواني الإسلامي إلى براحي السابق أيضا. عبر قناة الجزيرة، وإعلام قطر، وتابعيهم في الأقسام العربية للإذاعات العالمية.

ثم جاء الهجوم الإرهابي على ويستمنستر، حيث مبنى البرلمان، في لندن.

التساؤل الكسول والإجابات الجهولة

لم يكن كافيا أن الاسم الأول لمنفذ الهجوم يشبه اسمي، وأن مجرد ذكر اسمي في محادثة تليفونية مع أي جهة سيستدعي الإرهاب إلى ذهن محدثي. بل إنني وجدت أن الإعلام البريطاني، بعد كل هذه السنوات، لا يزال يكرر نفس القصة القديمة، ونفس التساؤلات القديمة. ما الذي حول فلان الفلاني من مشجع كرة إلى إرهابي؟ هه، هههه، هههه. والنبي! انتو لسه مش عارفين!!

 لقد صار التساؤل السابق مثل استمارة يملأ الصحفيون فراغاتها. ما الذي حول …. من …. إلى إرهابي؟ كل مرة يضعون مكان النقاط اسما جديدا، وهواية حسب القصة. أما الإجابات فلم تختلف.

طيب. سأقول في هذه المساحة الضئيلة المحدودة المسموح بها لأمثالي الإجابة التي لن تجدها في الإعلام الواسع ولن تسمعها في التليفزيونات العالمية المحظورة علينا. المروج الرئيسي للإرهاب العالمي منذ أواخر التسعينيات هو الإعلام. لقد استلمت الجزيرة ومذيعوها الراية من شيوخ المساجد المتشددين. لقد استلمت الأموال القطرية وأسهمها في وسائل الإعلام العالمية Cine5TV, Lagardere Media and Defence Group الراية من الجمعيات الشرعية. لقد استلم يوسف القرضاوي وأتباعه في الأقسام العربية للإذاعات العالمية الراية من الشيوخ المحليين. ورسموا الإعلام الناطق بالعربية في العالم، وحولوه هو الآخر إلى مسرح عرائس في خدمة الإرهابيين الإسلاميين، وخدمة رسالتهم، ووجهة نظرهم.

شاهدوا فيصل القاسم وهو يغري هنا بالتشريد على الهوية، وهو يحول الصراع السياسي إلى دعوة إلى التطهير العرقي، على شاشة الجزيرة.

فيصل القاسم يحرض على التطهير العرقي في سورية

وهنا وهو ينشر رسالة لداعش ويروج لها. وسط متابعيه الـ ١٢ مليون.

Screen Shot 2017-05-25 at 21.09.38.png

أما المذيع محمد ناصر وتحريضه على قتل الضباط في مصر بلهجة صريحة، فسابقة في الإعلام المرئي. يستحق بها الملاحقة من الإنتربول. لكن يبدو أن الإعلام العربي صار ُيعامل على أنه إعلام موجه لجمهور يستحق التحريض على القتل ونشر الإرهاب. وهي جرائم في أي دولة أوروبية. والقائمة تطول، سقت منها هذه الأمثلة كعينة.

الوجه الجديد للإرهابي صناعة قطرية إخوانية

لقد توسع الإرهاب على يد إعلام قطر وتركيا، وأتباعهم في الأقسام العربية،  من درس في زاوية، أو لقاء سري في مكان، إلى مهنة إعلامية تسبح في السماوات المفتوحة.

وتحولت صورة الإرهابي المحرض، على يد إعلام قطر وتركيا، من رجل يرتدي ثيابا تنتمي إلى عصور سابقة ويعيش في كهوف الجبال، إلى رجال وسيدات يرتدون ويرتدين ملابس عصرية، ويشار إليهم بإعجاب، ويعيشون في أوروبا، ويتألقون بماكياج مناسب للإضاءة. ويستضافون في المؤتمرات العالمية.

ليس هذا فحسب. لقد صارت هذه المجموعة تتداعى إلى قصعة الإعلام، فيوظف بعضها بعضا. وتتكتل في أروقة غرف التحرير، فتحدد قائمة الضيوف المسموحة وغير المسموحة، ومداخل الحوارات، والأسئلة، والأولويات، والمصطلحات المستخدمة. وكل هذا يتم تحت دعوى الأداء الإعلامي. وكل هذا يستقطب أجيالا جديدة تعيش حياتها بتخريب حياتنا، وتسعى لآخرتها بتدمير حياتنا. تمارس أقصى الأنانية تحت شعارات “نريد الخير لكم”.

لقد سيطروا على كل الإعلام “غير الرسمي”. أما الرسمي فسيطر عليه أقوام آخرون، يعتبرون الإعلام ثروة يجب أن تظل تحت تحكمهم، كغيرها من ثروات البلد. فلم يعد المواطن العاقل والمواطنة العاقلة يجدان صوتا عقلانيا في هذه المسرحية الهزلية. كأننا لم نتعلم شيئا.

صار المروج الرئيسي للإرهاب العلني هم الإخوان المسلمين، الذين يستقبلون كساسة في مجلس العموم، وفي الكونجرس. فيضيفون إلى تمجيد الإرهاب بخطبهم تمجيده بـ “وضعهم الاجتماعي العالمي”. لم يعد الإرهاب مجرد دعوات عقيدية، بل صار أيضا طلاء وبريقا دنيويا.

هؤلاء هم عناصر التجنيد الجديدة. لكن الميديا العالمية أكثر جهلا بالمنطقة العربية من أن تدرك ذلك. بالعكس. هي الأخرى متأثرة بما يقوله أعضاء “قائمة الضيوف” العرب الجاهزة، التي تحددها قطر ومشاة الإخوان المسلمين. تلك التي تروج أن الإسلاميين، الساعين إلى استعادة الأندلس، معذورون يا عيني، تدمي قلوبهم قضية فلسطين، أو يؤرق ليلهم ما حدث في اتفاقية سايكس بيكو قبل ١٠٠ عام. كلام ورغي، لا طائل من ورائه، سوى تصوير الإسلاميين كدعاة “قضايا إنسانية”، بينما هم في الحقيقة يخنقون الإنسان في كل مكان.

أما أول ضحايا هذه الشبكة العنكبوتية فهو نحن، من تتشابه أسماؤنا مع أسماء الإرهابيين، أحمد ومحمود وأسامة، إلى آخر القائمة. نحن ضحايا هناك، وضحايا هنا.

لكي تكتمل الصورة حول سيطرة الإرهابيين على الإعلام اقرأ مانشستر تدفع ثمن صفقة الإرهاب البريطانية الخاسرة من أبو حمزة المصري إلى الإخوان المسلمين

About khaledalberry (93 Articles)
إعلامي عمل في بي بي سي ١٢ سنة، راديو وتليفزيون وديجيتال ميديا bbcarabic.com . راسل صحفيا من ١٣ دولة. كان مديرا مناوبا لمكتب بي بي سي عربي في العراق بعد حرب العراق. . راسل بي بي سي من حيفا وجنوب لبنان في حرب تموز /يوليو ٢٠٠٦ .شارك في تأسيس دوت مصر ورأس تحريرها . أصدر أربعة كتب هي الدنيا أجمل من الجنة، ونيجاتيف ورقصة شرقية (القائمة القصيرة للبوكر العربية) والعهد الجديد. له كتابان قيد النشر هما "الأمية المقدسة" و "انفصام شخصية مصر". . حاصل على بكالوريوس الطب والجراحة من كلية الطب جامعة القاهرة

أهلا وسهلا برأيك

Discover more from البوست العربي

Subscribe now to keep reading and get access to the full archive.

Continue reading