هل ممكن القدرة على الصوم تخليك إنسان ناجح؟ ممكن. لو عرفت “قانون المراية” أو فهمت رواية سِد هارتا
في رواية سِد هارتا، بعد ما البطل بيمر برحلة اكتشاف النفس من خلال رحلة روحانية، بيستغنى فيها عن متع الدنيا، وبيصوم ويتأمل، بيوصل للاختبارات الحياتية. وبيفاجأ إنه مش عارف حاجة. بيتعرف على غانية وعلى تاجر، وبيبقى عايز يشتغل، لكن السؤال بيواجهه: انت بتعرف تعمل إيه طيب؟
وبيرد: بعرف أصوم وأنتظر وأتأمل.
إجابة مضحكة واحنا بنتكلم عن التجارة، مش كده؟
لا أبدا.
كنت بسمع حوار في الراديو والمتحدث لفت نظري لحاجة اسمها قانون المراية.
إيه هو قانون المراية؟
علشان تضيف لنفسك قيمة لازم تكون شايف في نفسك القيمة دي. ودا فكرني بالرواية اللي قريتها من سنين طويلة.
أوعى تفتكر إني بكلمك عن تشجيع النفس، وإنك تقف قدام المراية تقول لنفسك: ياللا، انت بطل، هتقدر. لا. خالص. أنا بتكلم عن حاجة تاني. التقييم الموضوعي لنفسك. من غير ما تظلمها ولا تخدعها. التقييم التفصيلي، كأن إنسان بيجرد مجموعة من السلع. فبيقول عندي كذا وكذا. دا ممكن أستفيد منه في كذا وكذا.
نفس الكلام دا ينطبق على علاقتك بنفسك في الحياة.
سيبك من الحاجات اللي مش عاجباك، دا مش موضوعنا. إحنا بنتكلم عن الحاجات اللي انت عارف إنها كويسة فيك. لازم تحددها. لأن منها تقدر تنطلق لإنجاز حاجات كويسة.
دا المقصود بقانون المراية. علشان تعمل لنفسك قيمة، لازم تكون شايف في نفسك القيمة دي.
نرجع لرواية سِد هارتا
بنكتشف إن اكتشاف البطل للقيمة دي في نفسه كانت بداية نجاحه وهو مقبل على الحياة. مع إنها بتبان بعيدة.
إزاي؟
البطل هنا فهم تحويلة صغيرة في السلوك الإنساني. التحويلة من القدرة على الامتناع، إلى القدرة على الفعل. ناس كتير جدا تقدر تمنع نفسها عن “مغريات”، ودي قوة، ماقلناش حاجة. إنما ناس أقل بكتير تقدر تحول القوة دي إلى قوة فعل. قوة التزام بالفعل، مش بس التزام بالامتناع.
من القدرة على الامتناع إلى القدرة على الفعل
الحاجات اللي قالها دي ممكن نترجمها لكلمة مش روحانية أبدا. الكلمة هي الدأب والإصرار. لو – مثلا يعني مثلا – اكتشفت في نفسك حاجة بسيطة زي دي، وعرفتها، تقدر تنطلق منها لحاجات كتير جدا.
الدأب والإصرار دا قيمة عظيمة، في متناول أي حد، جوهرة يملكها الفقير والغني، لكن لما بنيجي نقيم الناس الناجحة مش بتيجي على بالنا، بتيجي على بالنا حاجات تاني زي البراعة والكاريزما. حاجة كده زي لما تيجي تتكلم عن رونالدو فتقول إنه لاعب موهوب، وهو فعلا موهوب، بس الموهوبين كتير، كل الناس القريبة من رونالدو بيقولوا إن ميزته الكبرى هي الدأب، والإصرار اليومي .
طيب ليه الدأب مش بييجي على بالنا، رغم إنه الصفة المشتركة في كل إنجاز في الحياة؟
لأسباب بسيطة جدا
١- إنها قيمة بتحصل في الخفاء. الجماهير مش بتشوفها.
٢- إن المكافأة عليها مش سريعة. يعني مافيش حد بيبقى دؤوب لمدة أسبوع أو أسبوعين فبندي له جايزة، أو الحياة بتكافؤه. انت لو طالب في مدرسة محتاج على الأقل سنة من الدأب علشان تاخد جايزة تفوق في السنة دي، وسنين من الدأب علشان تاخد جايزة تفوق عامة. ونفس الحكاية لو صنايعي، مشغول إنه ينمي مهاراته، أو بقال، مشغول إنه يوسع شغله، أو مدير، مشغول إنه يحسّن المكان اللي هو فيه.
الناس بتقع من الدأب في نص الطريق.
الكلام دا عن الصوم، والدأب. لكن الموضوع أوسع من كده
الخطوة الأولى دائما
أكيد وصلتك فكرة إن قانون المراية أوسع من كده، وإني ضربت بس مثل بقصة قريتها ولفت نظري فيها إزاي البطل لقى في نفسه حاجة ماتجيش على بال حد، وحولها لقيمة وهو مقبل على الحياة حولته لإنسان ناجح منجز. فيه قدرات كتير بتكون فينا ومش واخدين بالنا إننا نقدر نستثمرها. بص في المراية. أو شوف الفيديو دا: صورة ممكن تغير حياتك
أما الخطوة التانية فاحكي لنا عن تجربتك. تبادل التجارب أكتر حاجة ممكن تنفعنا.
أهلا وسهلا برأيك